خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 3 من ذي الحجة 1446 هـ - الموافق 30 / 5 / 2025م
أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَنْ هَيَّأَ لَهُمْ مَوَاسِمَ لِلْخَيْرَاتِ، وَأَزْمِنَةً لِلطَّاعَاتِ، لِيَزْدَادُوا فِيهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ، وَيَسْتَكْثِرُوا فِيهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ، فَيَنَالُوا بِذَلِكَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ نَحْرَ الضَّحَايَا، وَإِرَاقَةَ دَمِ الْهَدَايَا ؛ فَإِنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ اللهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ([الحج:32] فَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا أَفْضََلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، وَلِهَذَا ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلًا، وَأَمَرَ بِهَا قَوْلًا، ضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ سِنِينَ يُضَحِّي، قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «ضَحَّى النَّبِيُّ r بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَحَابَتُهُ الْكِرَامُ فَضَحَّوْا كَمَا ضَحَّى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ فَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الْأُضْحِيَّةَ عِبَادَةٌ لَا تُقْبَلُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى هَدْي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ شُرُوطِهَا وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا، فَمِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ: أَنْ تَكُونَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ( [الحج:34] وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. وَمِنْ شُرُوطِهَا: أَنْ تَكُونَ قَدْ بَلَغَتِ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَ شَرْعًا، وَهِيَ مِنَ الْإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ، وَمِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَمِنْ شُرُوطِهَا: أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْإِجْزَاءِ؛ فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» [أَيِ الْهَزِيلَةُ]، [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].
وَلَيْسَتِ الْعُيُوبُ- عِبَادَ اللهِ- مَحْصُورَةً فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ بَلْ مَا كَانَ مِثْلَهَا، أَوْ أَشَدَّ مِنْهَا فَإِنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ مِنْ إِجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ، كَالْْعَمْيَاءِ. وَمِنْ شُرُوطِهَا: أَنْ تُذْبَحَ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا، وَهُوَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ [أَيِ: الْيَوْمِ الرَّابعِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ]، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُضَحِّي: أَْنْ يُبَاشِرَ ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ بِنَفْسِهِ إِنِ اِسْتَطَاعَ، وَإِلَّا وَكَّلَ مُسْلِمًا فِي الذِّبْحِ، وَيَشْهَدُ ذَبْحَ أَُضْحِيَّتِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا ثَمَنًا لِذَبْحِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ أَوِ الصَّدَقَةِ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَضْحِيَّتِهِ وَيَتَصَدَّقَ وَيُهْدِي؛ قَالَ تَعَالَى: ) فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ( [الحج:36]، فَعَنْ عَلْقَمَةَ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِهَدْيِهِ، قَالَ: وَأَمَرَنِي إِذَا نَحَرْتُهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ، وَآكُلَ ثُلُثًا، وَأَبْعَثَ إِلَى أَهْلِ أَخِيهِ عُتْبَةَ بِثُلُثٍ. [رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ]. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: نَحْنُ نَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ، يَأْكُلُ هُوَ الثُّلُثَ وَيُطْعِمُ مَنْ أَرَادَ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِالثُّلُثِ.
وَاعْلَمُوا -عِبَادَ اللهِ- أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ فِي الْأُضْحِيَّةِ هُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِذَبْحِهَا؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا( [الحج:37] أَيْ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذَبْحَهَا فَقَطْ. وَلَا يَصِلُ إِلَى اللهِ مِنْ لُحُومِهَا وَلَا دِمَائِهَا شَيْءٌ، لِكَوْنِهِ الْغَنِيَّ الْحَمِيدَ، وَإِنَّمَا يَنَالُهُ الْإِخْلَاصُ فِيهَا، وَالاِحْتِسَابُ، وَالنِّيَّةُ الصَّالِحَةُ، وَلِهَذَا قَالَ: ) وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ( [الحج:37] فَفِي هَذَا حَثٌّ وَتَرْغِيبٌ عَلَى الْإِخْلَاصِ فِي النَّحْرِ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ وَجْهَ اللهِ وَحْدَهُ، لَا فَخْرًا وَلَا رِيَاءً، وَلَا سُمْعَةً، وَلَا مُجَرَّدَ عَادَةٍ، وَهَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ، إِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الْإِخْلَاصُ وَتَقْوَى اللهِ، كَانَتْ كَالْقُشُورِ الَّتِي لَا لُبَّ فِيهَا، وَالْجَسَدِ الَّذِي لَا رُوحَ فِيهِ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْمَلَ لَنَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ، أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْجَمَّةِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا اصْطَفَى يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَخَصَّهُ بِمَزِيدِ الْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، يَوْمٌ يَعُمُّ اللهُ عِبَادَهُ بِالرَّحَمَاتِ، وَيُكَفِّرُ فِيهِ السَّيِّئَاتِ، وَيُقِيلُ فِيهِ الْعَثَرَاتِ، يَوْمٌ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: )وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ( [البروج:1-3] فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
وَإِنَّ مِمَّا يُشْرَعُ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الْحَاجِّ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِيَفُوزَ بِتَكْفِيرِ الْخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ؛ فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
فَحَرِيٌّ بِالْعَبْدِ الْمُوَفَّقِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلنَّفَحَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْعَطَايَا الرَّبَّانِيَّةِ عَسَى أَنْ يَظْفَرَ بِالدَّرَجَاتِ الشَّرِيفَةِ الْعَلِيَّةِ وَالْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ الزَّكِيَّةِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحْبِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَوُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا، بِالْأَمْنِ وَالْأَمَانِ وَالْعَدْلِ وَالْإِيمَانِ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة