خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 28من رمضان 1446 هـ - الموافق 28/3 / 2025م
وَدَاعُ رَمَضَانَ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ:
أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَهِيَ خَيْرُ وَصِيَّةٍ أَوْصَى اللَّهُ بِهَا الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ ] وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ( [النساء:131].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
هَا هُوَ ضَيْفُكُمْ يُوشِكُ عَلَى الرَّحِيلِ، وَنَسَمَاتُ الْخَيْرِ تُؤْذِنُ بِالْمَسِيرِ، حَبِيبٌ أَتَى عَلَى عَجَلٍ، وَكَرِيمٌ سُرْعَانَ مَا يُفَارِقُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
مَا أَسْرَعَ تَقَضِّيَ الْأَيَّامِ وَانْصِرَامَ الْأَعْوَامِ! تَمُرُّ الْأَعْمَارُ سَرِيعًا، وَتَنْقَضِي الْأَجْيَالُ جِيلًا فَجِيلًا، كَأَنَّ الدُّنْيَا تُنْذِرُ أَهْلَهَا: مَا أَبْقَيْتُ مِنْ أَحَدٍ، أَفْنَيْتُ الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، وَفِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِأَصْحَابِ الْعُقُولِ السَّوِيَّةِ، وَتَذْكِرَةٌ لِذَوِي الْقُلُوبِ الزَّكِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: ]قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ[ [المؤمنون: ١١٢ – ١١٦].
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (الْمُؤْمِنُونَ فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي سَفَرِ جِهَادٍ، يُجَاهِدُونَ فِيهِ النُّفُوسَ وَالْهَوَى، فَإِذَا انْقَضَى سَفَرُ الْجِهَادِ عَادُوا إِلَى وَطَنِهِمُ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ فِي صُلْبِ أَبِيهِمْ. تَكَفَّلَ اللهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى وَطَنِهِ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ).
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ أَيَّامَ الشَّهْرِ الْأَخِيرَةَ أَفْضَلُ لَيَالِي رَمَضَانَ، يَغْتَنِمُ الصَّالِحُونَ نَفَائِسَهَا، وَيَتَدَارَكُ الْأَوَّابُونَ أَوَاخِرَهَا، الْعَشْرُ الْأَخِيرَةُ تَاجُ اللَّيَالِي؛ فِيهَا الْخَيْرَاتُ وَالْأُجُورُ الْكَثِيرَةُ، وَفِيهَا الْفَضَائِلُ وَالْخِصَالُ الْعَظِيمَةُ، فَمَا زَالَ الْمُشَمِّرُونَ لِلدَّارِ الْآخِرَةِ حَتَّى آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ يَتَحَرَّوْنَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَيَجْتَهِدُونَ غَايَتَهُمْ لِإِدْرَاكِ نَسَائِمِهَا، وَالْفَوْزِ بِفَضَائِلِهَا، فَمَا زَالَ فِي الشَّهْرِ بَقِيَّةٌ، قَدْ تَكُونُ فِيهَا تِلْكُمُ اللَّيْلَةُ الْمَخْفِيَّةُ؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] ، وَهِيَ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ أَقْرَبُ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
عِبَادَ اللهِ:
لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَتَنَزَّلُ فِيهَا الرَّحَمَاتُ، وَتَحِلُّ عَلَيْهَا الْبَرَكَاتُ، وَتُقَالُ فِيهَا الْعَثَرَاتُ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، فَاجْتَهِدُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- فِي طَلَبِهَا، فَهَذَا أَوَانُ الطَّلَبِ، وَاحْذَرُوا مِنَ الْغَفْلَةِ، فَفِي الْغَفْلَةِ الْعَطَبُ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ». [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأَوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَعَصَمَهُ وَآوَاهُ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
وَإِنَّ مِمَّا شَرَعَهُ اللهُ لَنَا فِي خِتَامِ رَمَضَانَ زَكَاةَ الفِطْرِ، فَرَضَهَا اللهُ تَعَالَى طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ وَأُنْثَى، صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
فَيُخْرِجُ الْمُسْلِمُ صَاعًا مِنَ الْبُرِّ أَوِ التَّمْرِ أَوِ الرُّزِّ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ قُوتِ الْآدَمِيِّينَ، وَالصَّاعُ يُسَاوِي كِيْلُوَيْنِ وَنِصْفًا تَقْرِيباً، فَيُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ؛ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ؛ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ عَمَّنْ يَعُولُ)، وَيُسْتَحَبُّ إِخْرَاجُهَا عَنِ الْجَنِينِ.
وَالْأَفْضَلُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِة يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ.
وَيَجُوزُ لِلْإنْسَانِ أَنْ يُوَزِّعَ الْفِطْرَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى عِدَّةِ فُقَرَاءَ، وَأَنْ يُعْطِيَ الْفَقِيرَ الْوَاحِدَ فِطْرَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
وَمِمَّا يُشْرَعُ فِي خِتَامِ الشَّهْرِ: التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ؛ قَالَ تَعَالَى: ]وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[[البقرة: ١٨٥]. أَيْ: عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ بِتَوْفِيقِهِمْ لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَإِعَانَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَمَغْفِرَتِهِ لَهُمْ بِهِ، وَعِتْقِهِمْ مِنَ النَّارِ.
فَكَبِّرُوا مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالتَّكْبِيرِ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْبُيُوتِ، تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرًا لَهُ عَلَى التَّمَامِ، وَالْهَجُوا: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ:
وَمِمَّا شَرَعَهُ اللهُ: صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا فِي الْمُصَلَّى؛ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].وَيُسَنُّ الِاغْتِسَالُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالتَّنَظُّفُ لَهَا، وَأَنْ يُبَكِّرَ إِلَيْهَا مَاشِيًا مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَأَنْ يَخْرُجَ الرِّجَالُ إِلَيْهَا مُتَطَيِّبِينَ، لَابِسِينَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ الْإِنْسَانُ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الصَّلَاةِ تَمَرَاتٍ وِتْرًا، ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا؛ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «يَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
فَاتَّقُوا اللهَ -مَعَاشِرَ الْمُسْلِمينَ- وَاغْتَنِمُوا مَا تَبَقَّى مِنْ شَهْرِ الصِّيَامِ، فَمَنْ كَانَ مُحْسِنًا فَلْيَثْبُتْ، وَلْيَسْأَلْ رَبَّهُ التَّمَامَ، وَمَنْ قَصَّر فِيمَا مَضَى مِنَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فَلْيَهُبَّ مِنْ رَقْدَتِهِ، وَلْيَسْتَفِقْ مِنْ غَفْلَتِهِ، فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخِتَامِ، وَاسْتَوْدِعُوهُ عَمَلًا صَالِحًا يَشْهَدْ لَكُمْ بِهِ عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، وَوَدِّعُوهُ عِنْدَ فِرَاقِهِ بِأَزْكَى تَحِيَّةٍ وَسَلَامٍ.
سَلَامٌ مِـنَ الرَّحْمَــنِ كُـــلَّ أَوَانِ عَلَى خَيْرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَـى وَزَمَانِ
سَلَامٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيَامِ فَإِنَّـهُ أَمَـنٌ مِنَ الرَّحْمَــنِ أَيُّ أَمَـــــــــانِ
لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الْغُرُّ بَغْتَـــــةً فَمَا الْحُزْنُ مِنْ قَلْبِي عَلَيْكَ بِفَــانِ
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَصَالِحَ الْأَعْمَالِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا بِرَّهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ، وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عَافَيْتَهُ، وَلَا مَحْرُومًا مِنَ الْأَوْلَادِ إِلَّا وَهَبْتَهُ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذَرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعَيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة