خطبة عيد الأضحى المبارك
بتاريخ 10 من ذي الحجة 1446 هـ - الموافق 6 / 6 / 2025م
عِيدُ الْأَضْحَى الْمُبَارَكُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا ذَكَرَهُ الْحُجَّاجُ وَلَبَّوْا، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا طَافُوا بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ وَسَعَوْا، وَاللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا رَمَوْا وَحَلَقُوا وَتَحَلَّلُوا وَنَحَرُوا، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَى نَفْسِهِ وَزْنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
عِيدُكُمْ مُبَارَكٌ وَأَيَّامُكُمْ سَعِيدَةٌ، اعْلَمُوا -أَرْشَدَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ- أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ عِيدَانِ، يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ عِيدُ الْأَضْحَى الْمُبَارَكُ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ عِيدُ الْأُسْبُوعِ، وَأَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَعْيَادًا تَحْتَفِي بِهَا، وَهَذَا عِيدُنَا الَّذِي يُمَيِّزُنَا عَنْ أَعْيَادِ غَيْرِنَا، تِلْكَ الْأَعْيَادُ الْقَائِمَةُ عَلَى الشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَةِ التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ، فَأَكْثِرُوا مِنْ شُكْرِ اللهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ قَبْلَ انْقِطَاعِهَا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى شَكُورٌ وَدُودٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
أَنْتُمْ مَأْمُورُونَ بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ، فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمَبْرُورِ، افْرَحُوا وَلَكُمُ الْأَجْرُ وَالْحُبُورُ؛ قَالَ تَعَالَى: ) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ([يونس:58]، اجْعَلُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامَ فَرَحٍ وَاتِّفَاقٍ، أَيَّامَ سَعَادَةٍ وَحُبٍّ وَصَفَاءٍ، تَزَاوَرُوا فِيهَا وَتَصَافَحُوا وَتَسَامَحُوا، تَحَابُّوا وَتَوَادُّوا وَتَرَاحَمُوا، صِلُوا الْأَرْحَامَ وَارْحَمُوا الْأَيْتَامَ، تَغَافَلُوا عَنْ زَلَّاتِ الْأَنَامِ، وَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ، تَعَاوَنُوا عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى، جَمِّلُوا كَلِمَاتِكُمْ لِسَائِرِ الْوَرَى، وَاخْتَارُوا أَعْذَبَهَا وَأَرْفَقَهَا وَأَلْيَنَهَا؛ لِتُسْعِدُوا بِهَا كُلَّ مْنَ يَمْشِي عَلَى الثَّرَى.
يَا أَهْلَ الْعِيدِ السَّعِيدِ: ضَحُّوا؛ فَإِنَّ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَفْضَلُ النُّسُكِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ؛ فَقَدْ قَرَنَهَا رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا بِالصَّلَاةِ، قَالَ تَعَالَى: ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ([الكوثر:2]، وَالْأُضْحِيَّةُ فِيهَا تَحْقِيقٌ لِلتَّقْوَى؛ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ([الحج:37]، ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُمْ، طِيِبُوا بِهَا نَفْسًا، وَأَرُوا اللهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ فَالْأُضْحِيَّةُ مِنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ مِلَّتِهِ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ مُوسِرٍ تَرْكُهَا؛ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: »ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا« [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا ضَحَّى بِالْكَبْشِ قَالَ: »بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ« [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا].
اللهُ أَكْبَـرُ اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، أَفَاضَ اللهُ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ هَذَا الْعِيدِ، وَجَعَلَنَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْمَزِيدِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ مُعِيدِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ، وَجَامِعِ النَّاسِ لِيَوْمِ الْمَعَادِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ الْمُفَضَّلِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالتَّنَادِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ كَمَا أَمَرَكُمْ، يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ، ] لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [ [إبراهيم:7]، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ اللهُ أَكْبَـرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيَّتُهَا الْأَخَوَاتُ الْعَفِيفَاتُ الْمَصُونَاتُ:
فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْأَغَرِّ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالَ، ثُمَّ خَطَبَ النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَاتَّقِينَ اللهَ فِي أَنْفُسِكُنَّ، وَاحْفَظْنَ حُدُودَهُ، وَاعْمَلْنَ بِأَوَامِرِهِ، وَاجْتَنِبْنَ نَوَاهِيَهُ، وَقُمْنَ بِحُقُوقِ أَزْوَاجِكُنَّ وَأَبْنَائِكُنَّ، فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ، وَاحْذَرْنَ أَشَدَّ الْحَذَرِ أَنْْ تَنْجَرِفْنَ إِلَى مَا تَفْعَلُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ الْيَوْمَ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ أَشَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا رَسُولُنَا الْكَرِيمُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، فَفِيمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: »صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا« [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t]. فَاللهَ اللهَ يَا أَمََةَ اللهِ فِي الْحِشْمَةِ وَالْعِفَّةِ وَالْوَقَارِ.
مَعَاشِرَ النِّسَاءِ مِنْ أُمَّهَاتٍ وَزَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ وَبنَاتٍ: أَكْثِرْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ كُلَّمَا تَيَسَّرَ لَكُنَّ، وَاحْذَرْنَ اللَّعْنَ، وَابْتَعِدْنَ عَنْ مُقَابَلَةِ إحْسَانِ الْأَزْوَاجِ لَكُنَّ بِالْجُحُودِ وَالْكُفْرَانِ، وَاحْفَظْنَ جَمِيلَهُمْ عَلَيْكُنَّ دُونَ نِسْيَانٍ؛ فَإِنَّ اللَّعْنَ وَكُفْرَانَ الْإِحْسَانِ، مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ دُخُولِ النِّسَاءِ النِّيْرَانَ؛ إِذْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ، فَقَالَ لَهُنَّ: »يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ «[رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا]، فَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَتَّقِينَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْمَلْنَ بِمَا أَمَرَ، وَيَنْتَهِينَ عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ.
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
إِنَّ التَّهْنِئَةَ بِالْعِيدِ بِطَيِّبِ الْكَلَامِ قَدْ جَرَى عَلَيْهَا عَمَلُ الصَّحَابَةِ، فَثَبَتَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّه قَالَ: (كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ)، وَاعْلَمُوا -أَرْشَدَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ- أَنَّ السُّنَّةَ لِمَنْ خَرَجَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ، أَنْْ يَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ؛ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا].
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، وَأَزْكَى الْبَشَرِيَّةِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ صَاحِبِ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ؛ فَقَدْ أَمَرَكُمْ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: ]إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ [الأحزاب:56].
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحْبِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
عِبَادَ اللهِ:
عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالسَّمْعِ بِالْمَعْرُوفِ وَالطَّاعَةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الْمُوَحِّدِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا بِرَّهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ، وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عَافَيْتَهُ، وَلَا مَحْرُومًا مِنَ الْأَوْلَادِ إِلَّا وَهَبْتَهُ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذَرِّيَّاتِنَا قَرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة