خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 1من شعبان 1446 هـ - الموافق 31/ 1 / 2025م
حُقُوقُ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُرَبِّينَ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب: 70- 71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
عِبَادَ اللهِ:
أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَهِيَ خَيْرُ وَصِيَّةٍ أَوْصَى اللَّهُ بِهَا الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ ]وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ[ [النساء:131].
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
إِنَّ الْعِلْمَ نُورُ الْقُلُوبِ وَغِذَاءُ الْعُقُولِ وَمُهَذِّبُ الْأَخْلَاقِ، بِالْعِلْمِ يُحْفَظُ الدِّينُ وَتُصَانُ الشَّرِيعَةُ، وَبِالْعِلْمِ تَسْمُو الْأُمَمُ، وَتُحَقِّقُ بِهِ الْأَمْجَادَ، وَتَتَبَوَّأُ الْمَكَانَةَ الْعَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ بَيْنَ شُعُوبِ الْعَالَمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ[ [المجادلة: 11]. وَقَائِدُ هَذِهِ الْمَسِيرَةِ نَحْوَ التَّقَدُّمِ وَالرِّفْعَةِ وَالِازْدِهَارِ هُوَ الْمُعَلِّمُ الْمَبَارَكُ وَالْمُرَبِّي الْفَاضِلُ؛ فَالتَّعْلِيمُ تَرِكَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِرْثُ الْعُلَمَاءِ؛ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: »إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا«، فَالْمُعَلِّمُ مِصْبَاحُ الدُّجَى وَنَجْمُ الْهُدَى الَّذِي بِهِ يُقْتَدَى، وَالتَّعْلِيمُ -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أَشْرَفُ مِهْنَةٍ وَأَنْبَلُ وَظِيفَةٍ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ، مِنْهَا تَنْطَلِقُ الْأُمَمُ إِلَى الْقِمَمِ، إِنَّ هَذَا الْمُعَلِّمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ الَّتِي تَقُومُ الْأُمَّةُ عَلَى أَكْتَافِ عِلْمِهِ وَتَرْبِيَتِهِ، أَوْ يَكُونَ مِنْ صُنَّاعِ الْهَاوِيَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَ؟.
أَيُّها الْمُعَلِّمُ الْمُبَارَكُ:
لَوْ حَمَلْتَ الْجِبَالَ عَلَى عَاتِقَيْكَ، وَالْبِحَارَ فِي مُقْلَتَيْكَ، لَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيْكَ، مِنْ هَذِهِ الْأَمَانَةِ الَّتِي حُمِّلْتَهَا، أَنْعِمْ بِحَامِلِهَا وَمَا حَمَلَ! لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً مَنِيعاً شَامِخاً فِي حَمْلِكَ لِأَمَانَةِ التَّعْلِيمِ. أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ النَّبِيلُ: أَتَحْسَبُ أَنَّ مَقَامَكَ لَا نَعْرِفُهُ؟ بَلْ نُقَدِّرُهُ وَلَا نَكْفُرُهُ، فَأَنْتَ مُعَلِّمُ الْبَشَرِيَّةِ وَصَانِعُ الْخَيْرِيَّةِ. أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الْمُبَارَكُ: لَتَجِدَنَّ نَفْعَكَ وَلَوُ بَعْدَ حِينٍ، أَنْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الْكَرِيمُ تَزْرَعُ الْقِيَمَ وَتُحَصِّنُ الْأُمَمَ، قَالَ نَبِيُّ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّكَ: »إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ« [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، فَدُونَكَ هَذِهِ الْبُشْرَى، حَيْثُ إِنَّ تَعْلِيمَ النَّاسِ الْخَيْرَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ لِرَبِّ الْبَرِيَّاتِ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ نُهُوضِ الْأُمَمِ وَارْتِقَائِهَا فِي مَدَارِجِ الْعِزِّ وَالتَّمْكِينِ: إِعْلَاءَ شَأْنِ الْعِلْمِ وَالْمُعَلِّمِينَ، فَالْمُعَلِّمُ فَضْلُهُ كَبِيرٌ، وَحَقُّهُ عَظِيمٌ، فَهُوَ مَعَ طُلَّابِهِ كَالْوَالِدِ مَعَ أَوْلَادِهِ يَرْحَمُهُمْ وَيَعْطِفُ عَلَيْهِمْ وَيَرْأَفُ بِهِمْ، لِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ طَالِبٍ: أَنْ يَتَأَدَّبَ مَعَ مُعَلِّمِهِ إِذَا أَرَادَ تَلَقِّي الْعِلْمِ عَنْهُ، فَاحْتِرَامُهُ وَالتَّأَدُّبُ مَعَهُ مَطْلُوبٌ، وَمِنْ صُوَرِ احْتِرَامِ الْمُعَلِّمِ وَتَوْقِيرِهِ، مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ الْخَضِرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ]قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا[ [الكهف: 66]، فَهَذَا سُؤَالُ الْمُلَاطِفِ مَعَ مُعَلِّمِهِ الْمُبَالِغِ فِي حُسْنِ الْأَدَبِ مَعَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْمَعْنَى: أَنْ تُعَلِّمَنِي عِلْماً ذَا رُشْدٍ)، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (وَفِيهِ مِنْ أَدَبِ الْفِقْهِ: التَّذَلُّلُ وَالتَّوَاضُعُ لِلْمُعَلِّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتِئْذَانُهِ فِي سُؤَالِهِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي احْتِرَامِهِ وَإِعْظَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ هَكَذَا فَلَيْسَ عَلَى سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا عَلَى هَدْيِهِمْ)؛ وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: »لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ« [رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، فَاحْتِرَامُ الْمُعَلِّمِ دَلِيلٌ عَلَى جَمِيلِ تَرْبِيَةِ الطَّالِبِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ، وَتَأَدُّبِهِ مَعَ مُعَلِّمِهِ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَقَيُّومُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، مُعَلِّمُ الثَّقَلَيْنِ الصَّادِقُ الْأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، الَّذِينَ سَارُوا عَلَى نَهْجِهِ فِي التَّعْلِيمِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَصَبَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَاهَدُوا فِيهِ حَتَّى أَتَاهُمُ الْيَقِينُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فإِنَّ مِنْ حُقُوقِ الْمُعَلِّمِ الْكَرِيمِ وَالْمُرَبِّي الْفَاضِلِ: إِعْطَاءَهُ مَكَانَتَهُ الْمَرْمُوقَةَ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَالتَّوَاضُعَ أَمَامَهُ؛ رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (أَنَّهُ أَخَذَ بِرِكَابِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يَضَعُ فِيهَا قَدَمَهُ - فَقَالَ لَهُ: تَنَحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّا هَكَذَا نَفْعَلُ بِكُبَرَائِنَا وَعُلَمَائِنَا). وَمِنْ حُقُوقِ الْمُعَلِّمِ الْفَاضِلِ عَلَى الطَّالِبِ النَّبِيلِ: أَنْ يَنْظُرَ الطَّالِبُ لِمُعَلِّمِهِ بِعَيْنِ الْإِجْلَالِ وَالْإِكْبَارِ، مِمَّا يُؤَدِّي بِهِ إِلَى الِانْتِفَاعِ الْعَظِيمِ مِنْ مُعَلِّمِهِ، قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: (وَاللَّهِ مَا اجْتَرَأْتُ أَنْ أَشْرَبَ الْمَاءَ وَالشَّافِعِيُّ يَنْظُرُ إِلَيَّ هَيْبَةً لَهُ).
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
إِنَّ حُقُوقَ الْمُعَلِّمِ كَثِيرَةٌ عَظِيمَةٌ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا وَالْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا اعْتِرَافًا بِحَقِّهِ عَلَى طُلَّابِهِ، ومِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ: إِلْقَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَالرِّفْقُ بِهِ وَالتَّوَدُّدُ إِلَيْهِ، وَطَلَبُ رِضَاهُ، وَالصَّبْرُ عَلَى غَضَبِهِ إِذَا غَضِبَ، وَالصَّبْرُ أَيْضاً عَلَيْهِ إِنْ حَصَلَتْ مِنْهُ جَفْوَةٌ أَوْ زَلَّةٌ، وَعَدَمُ الْبَحْثِ عَنْ عَثَرَاتِهِ، وَمِنْهَا: الِاسْتِمَاعُ لِمَا يُلْقِيهِ فِي الدَّرْسِ وَحُسْنُ الْإِنْصَاتِ إِلَيْهِ، وَمِنْ حُسْنِ الْإِنْصَاتِ أَنْ يُصْغِيَ الطَّالِبُ إِلَيْهِ وَيُقْبِلَ بِكُلِّيَتِهِ عَلَيْهِ مُنْتَبِهًا لِقَوْلِهِ، وَأَنْ لَا يَلْتَفِتَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا يُكْثِرَ الْعَبَثَ بَأَدَوَاتِهِ، بَلْ يُحَاوِلُ أَنْ يَكُونَ طَالِبَ عِلْمٍ بِحَقٍّ بِسَمْتِهِ وَهُدُوئِهِ وَانْتِبَاهِهِ لِدَرْسِهِ، وَأَنْ يُظْهِرَ السُّرُورَ بِالدَّرْسِ وَالِاسْتِفَادَةَ مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ هَدَفُ الطَّالِبِ الْوَحِيدُ مِنْ حُضُورِ الدَّرْسِ الْفَائِدَةَ الْعِلْمِيَّةَ فَقَطْ، بَلْ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى الِاكْتِسَابِ مِنْ خُلُقِ مُعَلِّمِهِ وَمِنْ سَمْتِهِ وَهُدُوئِهِ؛ ذَكَرَ السَّمْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (أَنَّ مَجْلِسَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَانَ يَحْضُرُهُ خَمْسَةُ آلَافِ طَالِبٍ، فَكَانَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْهُمْ يَكْتُبُونَ، وَالْبَاقِي يَسْتَمِدُّونَ مِنْ سَمْتِهِ وَخُلُقِهِ وَأَدَبِهِ) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ، وَزِدْهُ تَوْفِيقاً وَتَسْدِيدًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالسَّمْعِ بِالْمَعْرُوفِ وَالطَّاعَةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ:
صَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، وَأَزْكَى الْبَشَرِيَّةِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ صَاحِبِ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، حَيْثُ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائلٍ عَلِيمًا: ]إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا[ [الأحزاب: ٥٦] اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحْبِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَدَمِّرْ أَعَدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا بِرَّهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا.
عِبَادَ اللهِ:
]إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ[ [النحل: ٩٠]، فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلِذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة