خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 7 من صفر 1447 هـ - الموافق 1 / 8 / 2025م
)إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، وَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَةِ، فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَمِنْ خَيْرِ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ وَأَعْظَمِ مَقَامَاتِ الْعُبُودِيَّةِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ: مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَخَشْيَتِهِ وَإجْلَالِهِ، فَمَا أَجَلَّهَا مِنْ عِبَادَةٍ لِلسَّالِكِينَ! وَمَا أَنْفَعَهَا مِنْ قُرْبَةٍ مُصْلِحَةٍ لِقُلُوبِ الْمُوَحِّدِينَ! امْتَدَحَ اللهُ الْمُتَّصِفِينَ بِهَا، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ([المؤمنون:57]، وَأَمَرَ بِهَا وَفَرَضَهَا، فَقَالَ: ) فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ([آل عمران:175]. يَقُولُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ- رَحِمَهُ اللهُ -: (مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْخَوْفِ).
مَا زَالَ اللهُ تَعَالَى يُخَوِّفُنَا فِي كِتَابِهِ، وَيَنْصِبُ لَنَا دَلَائِلَ عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ؛ رَحْمَةً بِنَا حَتَّى نَفِرَّ إِلَيْهِ وَنَتُوبَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ([الزمر:16]، يَقُولُ أَبُو حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ-: (الْخَوْفُ سَوْطُ اللهِ، يُقَوِّمُ بِهِ الشَّارِدِينَ عَنْ بَابِهِ)، وَيَقُولُ ذُو النُّونِ -رَحِمَهُ اللهُ-: (النَّاسُ عَلَى الطَّرِيقِ مَا لَمْ يَزُلْ عَنْهُمُ الْخَوْفُ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُمُ الْخَوْفُ ضَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ).
وَصَفَ اللهُ تَعَالَى شِدَّةَ عَذَابِهِ وَدَارَ عِقَابِهِ، وَكَرَّرَ فِي كِتَابِهِ ذِكْرَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّهُ فِيهَا لِلْعَصَاةِ وَالْمُذْنِبِينَ، وَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الزَّقَّومِ وَالضَّرِيعِ وَالْحَمِيمِ، وَمَا فِيهَا مِنَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ، وَالْعَظَائِمِ وَالْأَهْوَالِ، حَتَّى يُسَارِعَ إِلَيْهِ الْعِبَادُ وَيَمْتَثِلُوا أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ عِبَادَ اللهِ حَقًّا: الَّذِينَ يَخَافُونَ الْمَوْتَ وَشِدَّتَهُ، وَيَهَابُونَ أَهْوَالَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَضَمَّتَهُ، يَخْشَوْنَ مُنَاقَشَةَ الْحِسَابِ، وَيَتَعَاظَمُونَ الْعُبُورَ عَلَى الصِّرَاطِ، يَسْتَذْكِرُونَ هَيْبَةَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ فَتَذِلُّ رِقَابُهُمْ، وَيَسْمَعُونَ آيَاتِ النَّارِ وَأَهْوَالِهَا فَتَرْتَعِدُ لَهَا فَرَائِصُهُمْ.
وَإِذَا ضَعُفَ الْخَوْفُ مِنَ اللهِ وخَفَتَ أَثَرُهُ؛ ضَعُفَتْ بَصيرَةُ الْقَلْبِ وَأَظْلَمَ، وَقَسَا وَتَحَجَّرَ، حَتَّى يَصِيرَ صَاحِبُهُ لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، يَرْكَبُ بَحْرَ الشَّهْوَاتِ دُونَ تَوْبَةٍ وَلَا ارْعِوَاءٍ، وَيَتَهَاوَنُ فِي دِينِ اللهِ دُونَ أَوْبَةٍ وَلَا ارْتِدَاعٍ.
وَلَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَالصَّالِحُونَ يَتَعَبَّدُونَ اللهَ بِالْخَوْفِ مِنْهُ، وَيُصْلِحُونَ بِهِ قُلُوبَهُمْ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخْشَى أَنْ يَنْقَلِبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا)، وَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-، أَنَّهُ قَالَ: (لَقَدْ مَضَى بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ أَقْوَامٌ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَنَفَقَ عَدَدَ هَذَا الْحَصَى لَخَشِيَ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْ عِظَمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ).
فَمَا أَحْوَجَ الْعَبْدُ إِلَى الْخَوْفِ مِنَ اللهِ وَخَشْيَتِهِ! فَهِيَ سَبِيلُ نَجَاتِهِ، وَطَرِيقُهُ إِلَى مَوْلَاهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الْفِتَنُ وَتَفَاقَمَتْ فِيهِ الشَّهَوَاتُ، وَتَوَاطَأَ أَهْلُ الشَّرِّ عَلَى شَرِّهِمْ وَأَهْلُ الْفُجُورِ عَلَى فُجُورِهِمْ، فَهَذِهِ الْعِبَادَةُ الْجَلِيلَةُ تَحْمِي الْعَبْدَ مِنْ تِلْكَ الْمُوبِقَاتِ، وَتُوَصِّلُهُ إِلَى مَرْضَاةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّمَا يَنْشَأُ الْخَوْفُ مِنَ اللهِ وَيَتَحَصَّلُ: بِمَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَمَنْ عَرَفَ اللهَ رَسَخَ فِي قَلْبِهِ إِجْلَالُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَأَوْرَثَهُ الْخَوْفَ مِنْهُ وَمِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَاشْتَدَّ حَيَاؤُهُ مِنْهُ وَالْكَفُّ عَنْ مَسَاخِطِهِ وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى مَرَاضِيهِ.
وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ تَحْصِيلِ الْخَوْفِ مِنَ اللهِ أَيْضًا: التَّصْدِيقُ بِالْوَعِيدِ، وَالْعِلْمُ بِمَا رَتَّبَهُ اللهُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ، وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ بِتَدَبُّرٍ عَرَفَ ذَلِكَ وَأَيْقَنَ بِهِ، فِي صَحيح مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ».
وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَجْعَلُ الْقَلْبَ يَضْطَرِبُ خَوْفًا مِنَ اللهِ؛ عَدَمَ الْوُثُوقِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ إِذَا قَارَفَ الْعَبْدُ الذُّنُوبَ، فَيَخَافُ أَنْْ لَا يُوَفَّقَ لِلتَّوْبَةِ وَأَنْ يُمْنَعَ مِنْهَا وَيُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَأَنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِـعِ الرَّحْمَنِ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، فَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ لَمْ يَكْنِ لِقَلْبِهِ قَرَارٌ، وَكَانَ حَقِيقًا بِالْخَوْفِ مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ.
فَيَا مَنْ كَانَ يَبْحَثُ عَنْ صَلَاحِ قَلْبِهِ وَانْقِيَادِهِ إِلَى مَوْلَاهُ، عَمِّرْ قَلْبَكَ بِالْخَوْفِ مِنَ اللهِ، فَمَا صَلَحَتِ الْقُلُوبُ إِلَّا بِمِثْلِهِ وَلَا خَرَجَتِ الدُّنْيَا مِنْ قُلُوبِ الصَّالِحِينَ بِدُونِهِ، فَالْخَوْفُ مِنَ اللهِ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجِنَانِ وَالْفَوْزِ بِرِضَا الرَّحْمَنِ؛ قَالَ تَعَالَى: ) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى( [النازعات:40-41]، يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ--: (إِنَّ الرَّجُلَ يُذْنِبُ الذَّنْبُ فَمَا يَنْسَاهُ، وَمَا يَزَالُ مُتَخَوِّفًا مِنْهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَن لَّا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا.
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:
إِذَا كَانَ الْخَوْفُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مِنْ أَجَلِّ الْقُرُبَاتِ، فَإِنَّ رَجَاءَ رَحْمَتِهِ وَالطَّمَعَ بِجُودِهِ وَعَطَائِهِ، وَالاِسْتِبْشَارَ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، مِنْ أَجَلِّ الْقُرُبَاتِ أَيْضًا؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى غَفُورٌ رَحِيمٌ، يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَهُوَ الْقَائِلُ سُبْحَانَهُ: )وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ( [النساء:110].
فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ: أَْنْ يَجْمَعَ فِي قَلْبِهِ بَيْنَ الْخَوْفِ مِنَ اللهِ وَالرَّجَاءِ لِمَا عِنْدَهُ، فَهُمَا لَهُ كَجَنَاحَيِ الطَّائِرِ، لَا يُمْكِنُ لَهُ أَنْ يَطِيرَ فِي سَمَاءِ الطَّاعَةِ إِلَّا بِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ) نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ( [الجر:49-50]، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ»، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-: (مُحَرِّكَاتُ الْقُلُوبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: الْمَحَبَّةُ، وَالْخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ)، قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ: ارْجُ اللهَ رَجَاءً لَا يُجَرِّئُكَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، وَخَفِ اللهَ خَوْفًا لَا يُؤَيِّسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَلْهِمْنَا شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَدَوَامَ عَافِيَتِكَ، وَجَنِّبْنَا فُجَاءَةَ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعَ سَخَطِكَ، وَبَارِكِ اللَّهُمَّ لَنَا فِي أَوْقَاتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَأَوْلَادِنَا وَأَزْوَاجِنَا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْإِيمَانِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة